روايات شيقه

رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر

[ad_1]

 مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص والروايات حيث نغوص اليوم مع رواية رومانسية مصرية كاملة جديدة للكاتبة شيماء جوهر والمليئة بالعديد من الأحداث الإجتماعية المليئة بالتضحيات , وموعدنا اليوم علي موقع قصص 26 مع الفصل الثانى والثلاثون من رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر.

رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر – الفصل الثانى والثلاثون

رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر

 

رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر – الفصل الثانى والثلاثون

 

“إياك والحنين”

كانت سلمى بالداخل تستمع ما يحدث من مشاجرة منذ البداية إلى أن قامت سميحة بالنداء عليها، لتخرج وهي في قمة هدوءها وبرودها الذي أعتاد وتركها عليه من قبل:

ـ أفندم .. جاي ليه وعايز إيه يا طارق .. رجوع معاك مش راجعة عشان نبقى واضحين .. هفضل هنا لحد ميعاد الطيارة

اقترب منها وقال وهو يحاول أن يتمالك أعصابه:

– استهدي بالله وأرجعي معايا .. أنتِ مش فاهمة حاجة .. لينا مكان نحل فيه مشاكلنا سوا

عقدت ذراعها وقالت بهدوء:

– مفيش مبرر للي شوفته وسمعته يا طارق .. بعد إذنك سيبني على راحتي

ولت ظهرها متجنبة الحديث معه، ثم نظر إلى

سميحة معاتبًا:

– عجبك كده!! .. والله في سوء فهم في الموضوع

ربتت سميحة على منكبه وقالت:

– خلاص يا طارق سيبها براحتها

نظر لهم جميعًا بضيق وعلى سلمى بعتاب وأردف قبل أن يغادر:

– ماشي يا سلمى .. براحتك

خرج طارق وصفع الباب خلفه لتسقط دمعة من عيناها، وتعود مرة أخرى لغرفتها وتغلق الباب بقوة .

يسود الصمت بينهم والحزن العام للجميع .. بعد قليل نهضت نور على الفور:

لازم أمشي دلوقتي يا طنط .. هاجي بليل أطمن على سلمى .. أنا عارفة إنها مش قابلة كلام من حد فينا دلوقتي .. أنا حاسة بيها وعذراها

أومأت سميحة بحزن وقالت:

– خلي بالك من نفسك يا حبيبتي .. ربنا يصلح ما بينهم الحال

نهض أمير هو الآخر وعيناه منصبة لنور قائلًا:

– وأنا يادوب ألحق الشغل .. وهوصل آنسة نور على سكتي

تفاجأت نور من قراره ثم قالت بخجل وارتباك:

– لا طبعًا شكرًا يا أستاذ أمير أنا معايا عربيتي متتعبش نفسك

ابتسم أمير وقال بود:

– يبقى ننزل سوا .. سكتنا واحدة

نظرت ليوسف بلامبالاه وقالت:

– تمام مفيش مانع

كان يوسف الغيرة تأكل قلبه أكلًا، ودعت سميحة وخرجت على الفور بصحبة أمير .

ليلتفت يوسف إلى سميحة ويصيح بضيق شديد:

– عجبك إللي بيعمله ابنك ده؟!!

ردت سميحة وهي تدعي عدم الفهم:

– هو عمل إيه يابني!!

تعصب وثار غيرته وهو يغادر المكان بغيظ:

– يووووووو مفيش

تركها ودخل غرفته هو الآخر لتضحك سميحة بشدة على حاله، فخطتها تسير على ما يرام وقد تأكدت الآن بأنه بالفعل يحبها ويغار عليها .

**********************

 

صفحتنا علي فيس بوك

تحميل تطبيق لافلي Lovely

قصه متسولة كعابيش

رواية زواج لم يكن في الحسبان الفصل الاول

رواية الشادر الفصل الثامن

ظلت تسير ذهابًا وإيابًا في الغرفة تفكر في الحياة ومعاملتها مع طارق في الفترة القادمة، أحسنت القرار عندما رفضت الرجوع معه بعدما فعله، لابد وأن تأخذ موقف حاسم وتجعله يعرف بأن ما حدث ليس بأمر عابر ولا عادي لتضعه جانبًا وتمر بحياتها .. يجب أن يدرك أن كل فعل له رد فعل أصعب من الفعل ذاته الذي صدر منه .

مازالت على موقفها حتى تجعله يرى من هي سلمى الجوهري، لن تعود بأيامها كأبيها أبدًا مهما كان ومهما دفعت الثمن مقابل ذلك ..

*********************

منذ وصوله إلى الفندق وهو لا يريد الصعود إلى جناحهما، كلما بقى بالأعلى تذكرها وتذكر خلافاته معاها، ولا يريد أن يجلس في كافتريا الفندق ليتذكر سارة والموقف السخيف صاحب تلك المشكلة، ولا يستطيع أن يجلس هكذا بمفرده حتى المساء، وأن علم والداه ما حدث سوف تحدث مشكلة كبيرة بالفعل ويستمع لكلمات حادة هو في غنى عنها، فلا يعرف إلى أين يذهب الآن وأصبح في حيرة، إلى أن جاء لخاطره فكرة عن مكان طالما أحب الجلوس فيه، فخرج من الفندق وبدأ في طريقه المنشود .

*******************

حاولت مرة بعد مرة ولكن دون جدوى، يبدو أن بنزين السيارة قد نفذ بالفعل، والمؤشر أصبح أحمر اللون كنوع من الإنذار في مثل هذه الحالات الطارئة .. زفرت بقوة وضيق على هذا الوضع الذي لا تحسد عليه، فخرجت من السيارة بعدما تناولت حقيبتها كي تبدأ في إنتظار سيارة أجرة .

قبل أن يشرع في القيادة لاحظ سكونها داخل السيارة مدة ليست بطويلة ولكن كانت كفيلة بأن تتحرك منذ عدة دقائق .. وتعجب أيضًا عندما رآها تخرج من السيارة وفي حالة تأهب لأسأجار سيارة .

خرج هو الآخر واقترب منها كي يطمئن عليها، لتتفاجئ هي بهطوله عليها وهو يقول باهتمام:

– خير يا آنسة نور اللي حصل؟

ردت نور بإحراج شديد:

– خير متقلقش .. البنزين خلص بس مش أكتر .. هوقف تاكسي دلوقتي

أسرع أمير مردفًا بمرح:

– تاكسي وأنا موجود .. عايزة سميحة هانم تاكل وشي ولا إيه

ضحكت رغم عنها من أسلوبه، لأول مرة تراه يمزح بالرغم من شخصيته الجدية دومًا كضابط شرطة لترد بإحراج:

– مفيش داعي يا حضرة الظابط .. مش عايزة أعطلك عن شغلك

ابتسم أمير على الأقل استطاع رسم البسمة على وجهها الحزين، ليرد بنفس الطريقة:

– لا حضرة الظابط إيه هو أنتِ جاية تعملي محضر في القسم .. مفيش بينا تكليف ثم لسة قايل من شوية أنك على سكتي يعني مفيش عطلة ولا حاجة

بعد مناوشات طالت بينهم استقلت نور السيارة وهي في منتهى الخجل، طوال الطريق وهي صامتة، حزينة تفكر فيما حدث في هذا اليوم العجيب المليئ المفاجآت، لا تتصور بأن اخيها التي تعرفه جيدًا يكون هكذا، لا لا بالتأكيد يوجد سوء فهم .

لاحظ أمير شرودها وهو يتفقدها بين الحين والآخر، حاول كثيرًا أن يكسر الصمت الحاجز بينهم ويتحدث إليها كي يشغلها عن التفكير قليلًا ولكن لا يعرف ماذا يقول، إلى أن خرجت نور إلى الواقع بصوت أمير:

– الحمد لله احنا أحسن من الأول بكتير

ألتفت إليه نور بعدم فهم:

– نعم!! .. بتتكلم على إيه؟

رد وهو يقود دون النظر إليها:

– سلمى وطارق .. أنا شايف إن وضعهم حاليًا أحسن بكتير ما كانوا عليه من قبل الجواز .. أي نعم في مشاكل بعده بس على الأقل محدودة في نطاق علاقتهم ببعض خارج عن الشركات وصفقاتها .. خرجت من رحمة خالي وجبروته .. فهماني؟

أومأت نور وأردفت بحزن:

– في دي معاك حق .. المشاكل خفت شوية ونقدر نسيطر عليها بس المختلف هنا أن خلافاتهم بقت أصعب لما تكون في إطار علاقة جادة زي الجواز، الخلافات ساعات بتكون حساسة شوية لدرجة أنها بتوصل للخيانة .. وده اللي مش قادرة أصدقه ولا استوعبه لغاية دلوقتي .. حاسة أن في حاجة غلط

أيد أمير كلامها:

– فعلًا .. احنا حتى ملحقناش نسمع منه .. سلمى مدتلوش فرصة .. كل حاجة هتبان

تنهدت نور بحزن وهي تميل برأسها على زجاج النافذة بجانبها:

– يا رب بقى .. ربنا يهديهم لبعض

ابتسم أمير وقال وهو ينظر إليها:

– يا رب

خيم الصمت مرة أخرى حتى وصلت نور منزلها، ودعها أمير وذهب هو إلى عمله .

دخلت نور وألقت السلام والتحية على والدتها دون أن تقص شيء عما حدث في منزل السيدة سميحة، فقط طمئنها على سلمى بأنها بخير بصحبة زوجها، وهي تدعو الله أن يسامحها على هذا الكذب، لتشعر تهاني من نبرة صوتها ووجهها الحزين بأنه هناك خطابًا ما ولا تريد التطفل عليها .

********************

الساعة السابعة، موعد التحرك إلى المطار الآن، فكرت سلمى كثيرًا في التراجع عن السفر ولكن قررت أن يسير كل شيء بشكل طبيعي دون أي عواقب توقفه حتى تنتهى من ذلك الكابوس للأبد .

حزمت أغراضها وأوعيها وبدلت ملابسها في إنتظار أمير .. نور طيلة الوقت وهي تهدأ من روعها قليلًا وتحاول تحسين سيرة طارق أمام عيناها، ولكن سلمى آذانها مغلقة لا تريد سمع أي شيء بعدما سمعت ورأت بعيناها .

فحملت حقيبتها وخرجت هي ونور ليجلسن مع سميحة ويوسف متجنب نور وجالس في غرفته .. بعد خمسة عشر دقيقة وصل أمير وعلى ثغره ابتسامة صغير وهو يقترب منها قائلًا بمزح :

– الله الله ده أنتِ مجهزة شنطتك ومستعدة على الآخر …للدرجة دي مش قادرة إنتظاره

رمقته سلمى بغضب شديد وبنبرة أشد:

– أمير مش ناقصة ظُرف الله يباركلك خليني أخلص

ضحك أمير بشدة:

– ههههههههههههههه بهزر معاكِ يا بنتي … بحاول أطلعك من اللي فيه ده

نظرت له سلمى بضيق ولم ترد، فقط تنهدت بقوة وشردت قليلًا لتقول:

– أطمن يا أمير أنا هبقى كويسة

جلس بجوارها وقال ومازلت تلك البسمة موجودة على ثغره:

– مش هطمن غير لما أشوفك سلمى بتاعة زمان .. اللي ابتسامتها مكنتش بتفارقها أبدًا

ارتسم على شفاتيها بسمة جانبية متهكمة، تصحبها خيبة أمل ولمعة طفيفة في عيناها:

– قول للزمان أرجع يا زمان

ضحك وأكمل بمزاح:

– ياااااختيييي دراما كوين يا ناس .. يا بنتي فكي كده وطلعي عينيه .. عايزه يلف حوالين نفسه .. سوري يا آنسة نور

ابتسمت نور وضحكت سلمى بالرغم عنها وقالت:

– هيحصل متقلقش

أوبخته سميحة بعتاب:

– بقى كده يا أمير!! بتحرضها على إيه يابني .. ربنا يهدي سرهم

ضحك أمير وقال:

– أحسن خليها تربيه عشان يعرف إن الله حق .. أنا هتصل بيه عشان نتحرك

تناول هاتفه وقام بمهاتفته، وسلمى كانت في حالة اللامبالاه وهو يتحدث إليه، ونور كانت تشعر بالحزن الشديد على أخيها .. ثم نهض أمير وتحدث إليها:

– يلا يا سلمى .. شكله قاعد على نار مستنى

نهضت سلمى وودعت عمتها بشوق، فقط ألقت نظرة سريعة على يوسف والدموع في عيناها، وحاولت نور أن لا تنظر له على الإطلاق وهذا التصرف يثير عصبيته .

*********************

بعد أن أستقل الجميع السيارة، ركبت نور بجانب أمير بناء على طلبه ليجد طارق مساحة للجلوس بجانبها والتحدث إليها .

مروا على الفندق وبمجرد أن أنهى أمير معه المكالمة خرج طارق بحقيبته، فساعده أمير بوضعها وانتطلقوا جميعًا إلى المطار، حالة من الصمت الشديد بين طارق وسلمى، هي تتجاهله تمامًا ولا حتى تنظر له نظرة واحدة، وهو لا يعرف ماذا يقول وبأي حديث يمكن البدأ به فصمت هو الآخر .

فلم يجدوا صوت سوى لنور وأمير تلطيفًا للجو العام إلى أن وصلوا .. دخلوا معًا في صالة الإنتظار وأختلى به أمير يلقيه الوصاية العشر لسلمى، ولم يروقه الحديث بكل تأكيد، كذلك في الجانب الآخر قامت نور بدورها ولكن دون استجابة من ناحية سلمى، دقائق وقاموا بوداعهم وظلوا بمفردهم هم والصمت واحد .

********************

ودعت نور أمير أمام باب الفيلا بابتسامة صغيرة ودخلت، كانت تنظر لهم من النافذة بالأعلى تهاني .. خرجت تهاني لاستقبالها لترى ابنتها في حالة نوعًا ما جيدة، اقتربت منها نور واحتضنتها وقامت بتقبيلها وطمئنتها على طارق وسلمى بأنهم حاليًا بالمطار .

دخلت نور غرفتها وبدلت ملابسها وارخت جسدها على فراشها وهي تفكر في الثنائي المنكوب وكيف ستكون حياتهما في الخارج معًا، ولكن على يقين بأن سلمى لن تفتعل مشكلة وهما بالخارج .. دعت الله بأن يهدي كل منهما للآخر ويقرب فؤادهما لبعضهم البعض، فهي أشد من حولهما تريد إستمرار هذه الزيجة حقًا .

عاد أمير هو الآخر وكانت بإنتظاره يوسف على نار أحر من الجمر، جلس على أقرب مقعد وبعد قليل انضمت لهم سميحة في تساؤل واهتمام:

– طمني يابني إيه الأخبار؟

رد أمير بهدوء:

– من ساعة ما ركبنا العربية لغاية المطار وهو كل واحد متجنب التاني تمامًا من غير ولا كلمة .. كأنهم واكلين سد الحنك .. قعدت أنا ونور نتكلم ونعمل حس في العربية نغير الجو شوية بس الظاهر مفيش فايدة

ردت سميحة بحزن:

– والله البنت دي صعبانة عليا .. لا أب ولا اخ معاها .. ولا حتى جوازة هي عايزاها .. بس أرجع وأقول حكمة من ربنا على كل حال .. يمكن لسة ماخدوش على بعض

كان يسمع يوسف هذا الحديث بتأثر وشعر بأنه تخلى عنها في أكثر موقف كانت تحتاج إليه ولم تجده، كان يشعر به أمير كثيرًا ويعرف ما بداخله، ليربت على ساقه قائلا:

– عارف إنك مضايق من إللي حصل .. وإنك مقدرتش تيجي توصلها من ساعة إللي حصل بينكوا بعدما رجعت .. ببساطة سلمى كانت حاسة بالأمان معاك كنت سندها وضهرها اللي ملاقتهوش في أبوها وجيت فجأة ضيعت كل إللي عملته في موقف واحد .. لما طالبت برجوعها بقسوة كأنك نسخة من خالي بالظبط .. كأنها شايفة إنسان تاني هي متعرفوش .. ببساطة أتخليت عنها وحزينة جدًا من الحال إللي وصلتوا ليه .. أوعك تفتكر إن سلمى مبسوطة باللي حصل ولا فارق معاها .. لا يا يوسف سلمى بتتقطع من جواها وأنا حاسس بيها من نظرتها وهي بتودعك كانت مليانة بعتاب وخوف وحزن

رد يوسف بانفعال، فلم يتحمل أن يستمع لكل هذا:

– أنا عارف يا أمير كل ده أنا عارف .. أنا ذات نفسي معرفش إزاي اتعاملت معاها بالشكل ده .. كانت متوقعة مني حاجة وخذلتها وندمان أشد الندم إني ضيعت علاقتي بأختي وقربنا ببعض بالشكل ده .. عايز أرجع سلمى .. عايز أرجع اختى الصغير لحضني ومش عارف وأنا مضايق وتعبان بسبب الموضوع ده

ابتسمت سميحة وقالت بحنو:

– متقلقش يا يوسف .. أنت عارف سلمى قلبها طيب أد إيه وهتسامحك .. دي ملهاش غيرك يابني .. الحمد لله إننا أطمنّا عليها …يلا أنا هسيبكوا وأروح اريح شوية .. تصبحوا على خير

********************

منذ وصلولهم إلى المطار كانت هناك سيارة في إنتظارهم لتنقلهم إلى الفندق المقينين به بفرنسا، إلى أن وصلوا إلى الفندق المنشود ومنه إلى جناحهما وهما في حالة من الصمت التام، استكمالًا للصمت الذي حاصرهم في الطائرة .

مجرد دخولهم الغرفة نظرت سلمى حولها تتفقدها، تركت حقيبتها الشخصية جانبًا انتزعت حذاءها وقامت بحمل الحقيبة ووضعها فوق الفراش وأحضرت منها ملابس بيتية ثم دخلت الحمام، كل هذا حدث في منتهى الهدوء التام دون أدنى كلمة وعلى دهشة وغرابة من طارق على ردود أفعالها منذ ما حدث في مصر .

شرع هو الآخر في تغيير ملابسه، إلى أن خرجت سلمى وجلست على المقعد أمام المرأه وقامت بتجفيف شعرها الذي انبهر بطوله، لأول مرة يرا شعرها منسدل أسفل ظهرها بهذا الشكل، تبدو فاتنة وجميلة، مشطت شعرها .

وعلى الفور اتجهت نحو الفراش وتناولت غطاء خفيف ووسادة صغيرة وأتجهت إلى الأريكة الكبيرة الموجودة على بعد من الفراش، ليعقد طارق حاجبيه في دهشة من فعلها:

– إيه ده أنتِ بتعملي إيه؟

ردت ببرود وهدوء تام دون أن تنظر إليه:

– واحدة قاعدة على الكنبة ومعاها كبرتاية ومخدة هتكون بتعمل إيه مثلًا! .. هنام فيه مشكلة ؟

وقبل ما تقول حاجة ونعيد الأسطوانة بتاعة أول يوم أنا هنام هنا وأتفضل سيادتك على السرير .. أنا مجهدة من السفر وعايزة أنام بعد إذنك

استشاط طارق غضبًا من أسلوبها، فقام بجذبها نحوه بشدة وهو يقول بغضب وعيناه قابلت عيناها المليئة بالغضب والتحدي:

– وبعدين معاك يا سلمى مش هتبطلي بقى اللي بتعمليه ده وأتكلمي عدل

انتزعت يداها من قبضته وقالت وهي تنظر لعيناه بكل تحدي وضيق وعيناها بدأ الدمع يتكون فيها:

– أسمع يا طارق.. أنت تحمد ربنا إني وافقت أكمل وأسافر بعد إللي حصل .. كان بسيطة أوي بالنسبالي إني أركب دماغي ومسافرش معاك .. بس قلت خلي اليومين دول يعدوا على خير .. فياريت من هنا لحد ما نرجع مصر تخلي السفرية لطيفة على أد ما تقدر وياريت ملكش دعوة بيا أنام في المكان اللي يريحني .. وسيبني بقى عشان عايزة أنام

تركته ومددت على فراشها ثم أستدارت بجسدها واصطنعت النوم وبدأت الدموع تنسدل بغزارة من مقلتبها، تركته يقف في مكانه يتذكر ويعيد حديثها ونظرة عيناها الثابتة .. زفر بشدة وممدت بجسده على الفراش وحاول النوم .

في صباح اليوم التالي استيقظ طارق فلم يجد سلمى معه بالغرفة، أول شيء جاء في خاطره رد الفعل الذي فعله هو من قبل، وبعد ذلك تنافى هذه الخاطرة بأن من المستحيل أن ترد له سلمى ما حدث، .. ذهب إلى الحمام فليتأكد من ظنونه وقرع عدة رقعات ليسمع صوتها آتي من الداخل:

– ايوة يا طارق في حاجة ؟

اطمئن وزفر بشدة ثم قال:

– لا أبدًا بس بطمن

اندهشت سلمى ولم تعلق .. خرجت بعد دقائق ثم جلست على الأريكة تتفقد هاتفها بينما هو يحاول أن يلطف الجو العام بينهما قليلًا :

– تحبي تفطري هنا ولا ننزل تحت ؟

ردت وعيناها في هاتفها:

– مبفطرش أول ما بصحى من النوم .. ساعة كده .. عايز تاكل أفطر أنت

لم تعيره أي اهتمام فجلس على الفراش وتفقد هاتفه هو الآخر بإحدى مواقع التواصل الإجتماعي إلى أن مرت ساعة، شاهدها وهي تنهض وتقوم بفتح خزينة الملابس واختارت رداء أبيض “منفوش” قليلًا يتوسطه حزام باللون البني الفاتح وحذاء ببنفس اللون ذو الكعب العالي حوالي 3سم، ثم أرتدت حقيبة صغيرة من نفس اللون وصففت شعرها للأعلى وكانت أنيقة لينظر لها بدهشة ثم يقول :

– إيه ده أنتِ رايحة على فين كده ؟

دون أن تنظر إليه قالت:

– نازلة أفطر هستناك تحت .. سلام

خرجت على الفور دون أن تنتظر رده وهو يقف الغضب يملئه بشدة من تصرفاتها التي زادت عن حدها، بدل ملابسه ونزل يبحث عنها إلى أن وجدها، جلس معها وبدأوا في تناول الفطور .

*********************

بعد ذلك أخذها إلى جولة في معالم باريس وألتقطوا صور كثيرة، وكانت سلمى تشعر بأنها تعيش لأول مرة، حرة تركض وتتحدث مع أهل البلدة وكانت هذه أول مفاجآت سلمى لطارق، فهي تتحدث الفرنسية بطلاقة ..

ركبوا معًا الدراجات وصعدوا أعلى برج إيفل، هذا البرج الحديدي الذي يبلغ أرتفاعه 327 مترًا منذ 8 مارس 2011، والذي أصبح هذا المنشأ رمز العاصمة الفرنسية والرمز السياحي الأول فيها، ويمثل تاسع موقع فرنسي الأكثر زيارة .

في منتصف اليوم وتناولوا الغداء في إحدى المطاعم الموجودة به .. كان يوم جميل للغاية وفي كل لحظة كان يرى طارق سلمى لأول مرة في حياته، سلمى التي يعرفها الجميع منذ زمن .. تلك الفتاة التي تتمتع بالنشاط والحيوية، البسمة لا تفارق شفاتيها قط، تركض من هنا إلى هنا في مرح وفرحة كأنها طفلة في العاشرة من عمرها، لأول مرة يرى ابتسامتها وشغفها بالحياة، كأنها عادت إليها للتو، كأنها ولدت من جديد .

تشعر بأنها سلمى التي دفنت بداخلها وقامت بنسيها من ذاكرتها للأبد قد عاد جزء منها، تشعر بالحرية .. تشعر بالحياة من جديد، سنوات عديدة لم تتنزه أو سافرت منذ وفاة فريدة وهي حبيسة قوقعة داخلها، اندهشت من الشعور الذي راودها للحظة، لم ترى طارق مطيع ومبتسم معها مثلما شاهدته اليوم، لم يعارضها على أي شيء تقوله بل العكس كان يؤيدها ويتركها تفعل ما يحلو لها دون ازعاج منه أو حتى يشعرها بالضيق، على الرغم من هذا الشعور أسعدها كثيًرا ولكنها كانت تشعر بالقلق من هذا التغير المفاجئ الذي جد على شخصيته، ولا تعرف حقًا إن كان هذا تغيرًا أم هو جزء من شخصيته التي لا تعلم عنها شيئا ؟ .. ازاحت كل الأفكار والتساؤلات جانبًا الآن وأرادت فقط أن تعيش تلك اللحظات البديعة التي لن تتكرر بعد ذلك بنفس تفاصيلها مرة أخرى، هكذا تعتقد ..

مر اليوم بسلام وراحة غير عادية للطرفين، وكل منهم قد تناسى ما يحمله للآخر ولو بشكل مؤقت، بل كل منهم يستمتع باللحظة والفرحة بداخله مع الطرف الآخر كأنه يراه لأول مرة، يا له من شعور غريب يملكهم ويسيطر عليهم دون مبرر واحد ولا يعرف أحدهم السبب حتى الآن .

إلى أن جاء المساء كانوا يتجولون في شوارع باريس العتيقة وتناولوا الحلويات معًا، وأخيرا جلسوا في إحدى الكافتريات أمام منظر بديع، تموج المياة ليلًا مع انعكاس خفيف من نور القمر أعطاه صورة جمالية بديعة مع ألوان الأنوار المضاءة حولهم .

كانت سلمى جالسة في سلام تستمتع لهذا المنظر البديع وشاردة في عالم آخر إلى أن أخرجها صوت طارق قائلًا:

– مالك سرحانة في إيه؟

ابتسمت وردت بنبرة حزينة:

– المكان ده فكرني بأمي أوي .. كانت آخر مرة سافرنا وجينا هنا ومكناش عايزين نرجع مصر لولا شغل هاشم بيه

حزن من نبرة صوتها واشتياقها لوالدتها، وتلك الكلمة الأخيرة التي لم تستطع أن تقول “بابا” مثلما كانت تفعل من قبل .. قرر أن يتغاضى عن تلك الكلمة حتى لا تنزعج ويتتغير حالتها المزاجية فقال بهدوء:

– عشان كده كنتِ حابة نسافر هنا ؟

أومأت باسمة دون النظر إليه، ابتسم هو الآخر وقال بصدق:

– مش آخر مرة هتيجي هنا إن شاء الله

اكتفت سلمى بابتسامة صغيرة وظلت صامتة تستمع بالمنظر فقط وأصوات آلة الكمان حولها .

********************

عادت نور من الكلية بعدما استعادت قوتها لأستكمال ما بدأت، فقد فاتها الكثير هناك .. وجدت سميحة تجلس أمام المسبح مكانها المفضل، دون أن تشعر لها اقتربت منها وطبعت قبّلة على وجنتها لتتفاجئ تهاني وتنظر جانبها لتجد نور، ابتسمت ومسكت يداها وجعلتها تجلس بجانبها:

– عاملة إيه النهارده يا حبيبتي.. أحسن؟

ابتسمت نور وهي تومأ برأسها إيجابًا، لتستكمل تهاني حديثها:

– أنا مبسوطة إنك رجعتي كليتك من تاني يا نور

ابتسمت نور وقالت:

– كان لازم أعمل كده وإلا السنة هتروح عليا .. بالي مشغول بسلمى وطارق أوي .. بفكر أكلمهم أطمن عليهم

ردت تهاني وقالت:

– عندهم ليل يا حبيبتي .. سيبيهم براحتهم

شردت قليلًا ثم قالت مؤيدة:

– اه صح

نظرت لها تهاني وقالت وهي تحاول نبش أعماقها:

– ألا قوليلي يا نور أخبار مدام سميحة إيه؟

ابتسمت نور وردت:

– كويسة يا ماما الحمد لله .. هي بس زعلانة على بيحصل مع طارق وسلمى وعلى طول بتدعي لهم

استكملت سميحة بنفس النبرة:

– طب وابنها .. أمير .. أخباره إيه ؟

تلاشت البسمة فجاة من ثغرها ونظرت لوالدها وقلبها يدق ولا تعرف السبب:

– ماله يا ماما .. كويس يعني هيكون ماله

شعرت بتوترها فقالت برفق:

– في حاجة يا نور ؟

ردت نور بجدية وهي تصطنع البسمة وهي تشعر بمغزى سؤالها:

– لا يا ماما مفيش حاجة .. وأطمني مفيش حاجة بيني وبين أمير أبدًا .. مش ده اللي كنت عايزة تتاكدي منه؟ .. اللي خلاكِ تقولي كده؟

شعرت بأنه الموقف الذي حدث بينها وبين اخيها لا يزال يؤثر عليها، وتعتقد بأنها تقارن بينهم:

– مقصدش يا نور .. كل الحكاية إني شايفاه مهتم اليومين دول بيكِ فبطمن

رفعت نور حاجبها باستنكار ولا تصدق منطقية حديثها، لترد بعدم فهم:

– نعم!! .. على التوصيلة اللي متعدتش مرتين خلاص عملتيه مهتم .. كل مرة ولها ظروفها إللي أدت يحصل كده .. اومال مقولتيش على يوسف كده ليه وأنا أغلب الوقت معاه في الشركة وجاية تتكلمي على أمير !! .. في إيه يا ماما مالك يا حبيبتي ؟ … أنتِ غريبة أوي النهارده .. عن أذنك

صعدت نور غرفتها مستنكرة تفكير والدتها، ما الذي دفعها كي تفكر بهذه الطريقة؟ .

لم تعير حديثها أي اهتمام وقررت أن تمضي فيما بدأت فيه، فأخرجت من حقيبتها بعض الأوراق وبدأت في المذاكرة لتستعيد كل ما فاتها في الفترة السابقة .

*********************

نظر لها بعد وقت ليس طويل وجدها قد غفلت في مكانها، ابتسم ولأول مرة يتأملها وهي نائمة، وجهها صغير كالطفلة تركت على ثغرها بسمة طفيفة وذهبت في حلم جميل، لم يريد أن يوقظها ولكن تأخر الوقت فاقترب منها وربت على منكبها برفق وصوت هامس:

– سلمى .. سلمى أصحى

فتحت عيناها في زعر وهي تلتفت حولها:

– إيه في إيه

هدأ من روعها قليلًا وقال بهدوء:

– أهدي مفيش حاجة .. غفلتي شوية قومي يلا عشان نروح

ردت بنبرة ناعسة للغاية وبطريقة طفولية:

– لا خلينا شوية كمان مش عايزة أروح

ابتسم طارق من طريقتها الطفولية وقال وهو يمسك بيداها:

– أنتِ نايمة على نفسك أصلًا .. يلا قومي نبقى نيجي في يوم تاني

استسلمت له ونهضت معه وهي ناعسة بشكل تام وغير واعية بما يحدث حولها، نظر لها في قلق وأوقف سريعة أول سيارة أجرة تسير أمامه، وبالفعل استقلوا أحدهم وبمجرد أن جلسوا عادت سلمى للنوم مرة أخرى .

وصلوا إلى الفندق وهي ناعسة تترنح وهو يسير على سيرها، يضم منكبيها بين ذراعه ومنه إلى جناحهما .. بمجرد دخولهم ابتعدت عنه بهدوء وهي غير متزنة في الحركة، إلى أن سقطت فوق الأريكة كالجثة الهامدة، حاول أن يوقظها كي تبدل ملابسها على الأقل ولكن لا حياة في من تنادي، غشيت في سبات عميق، خلع عنها حذاءها وجلس القرفصاء أمامها يتأمل هذه الطفولة الجميلة النائمة أمامه بكل سكون واستسلام، ازاح الشعر على وجهها ويزداد تأمله لها والابتسامة على ثغره تزداد أكثر وأكثر، شيئًا ما يدفعه نحوها إلى أن اقترب أكثر وطبع قُبّلة على جبهتها برفق، فأبتعد وتعجب كيف فعل هذا .. وعاد إلى فراشه بعدما بدل ملابسه وهو يشعر بالغرابة من انحراف مشاعره فجاة عندما اقترب منها وهذا ما كان لا يريده .

********************

في الجانب الموازي، منذ زواج سلمى ونيل المراد قد تبدلت أحواله مائة وثمانون درجة، أصبح يتردد على الشركة أكثر من قبل ويبقى فيها لساعات متأخرة من الليل، وأحيانًا يخرج بعد إنهاء الموظفين من فترة عملهم .

تكاثرت الأقاويل بينهم وعلى الأرجح لا أحد يعرف سر تأخره لأوقات متأخرة في الشركة بهذه الطريقة ..

يترنح بمقعده ذو العجلات السريعة يمينًا ويسارًا والبسمة مزينة على ثغره، في يده اليمنى هاتفه والأخرى سيجار يستنشق منها ويزفر بكل ضيق وحذر وهو يتحدث إلى الطرف الآخر

– المهم .. بقية الشحنة هتوصل أمتى؟

– على فترات متباعدة زي ما اتفاقنا

– العين قربت تبقى علينا خد بالك .. والموظفين في الشركة بدأوا يشكوا .. ما تبعتها مرة واحدة ونخلص مش خلاص شرطك اتنفذ!!

– لا يا حبيبي متفقناش على كده .. سبق واخليت بالإتفاق وعملت اللي في دماغك

– مش شغلك .. أنت ليك إنك تاخد فلوسك إنما أنت كده بتنقطني بيهم كأنك بتتلكك

– ههههههههههههه ظنك وحش أوي .. البضاعة المرادي نقاوة وحياة اللي ضحت عليا بيها .. عمومًا الشحنة الجاية هتوصل بعد نص الليل في نفس الميعاد .. حرص بس من العيون اللي معاك .. لإني لو وقعت مش هقع لوحدي ..

والمستمع بالصدفة البحتة كان في هذا الوقت محمود، الذي أتى بناء على طلب من هاشم في أمرًا لا يستدعي الحديث فيه عبر الهاتف، مع إن لم يكن لمحمود العودة لهذا المكان ولا التعامل معه بعدما حدث، ولكن من بدأ في شيء يجب أن يستمر فيه ويقوم بإكماله حتى النهاية .

شرع محمود في قرع الباب سمع صوت محمود من الداخل وكانت نبرته عالية لدرجة من يقترب من الباب بشدة يسمع ما يقول .. جذبه الحديث وتعجب من أمره، من الذي يتحدث معه بهذه اللهجة .. فلم ينتزر أكثر من ذلك وقرع على الباب وبواد من الشك تسربت إلى قلبه، ثم دخل ليرحب به هاشم وينهى سريعًا تلك المكالمة مع هذا المجهول بارتباك خفي ولكن لاحظه محمود وهو يقرأ تعابير وجهه المتغيرة فجأة، جلس محمود وقال بجمود:

– مسيبتي شغلي وأكل عيشي عشان مش راضي تتكلم في التليفون .. اديني جيت أهو يا سيدي ها

ابتسم هاشم بلامبالاه وقال:

– تشرب إيه الأول .. أنا جيب نوع بن إنما إيه معتبر لازم نجربه مع بعض

انفعل به محمود ولم يستطع التحمل أكثر من ذلك:

– مش عايز زفت .. خلصني وقولي شحنة الصفقة هتيجي أمتى؟

حاول هاشم أن يكون طبيعيًا وقال بنوع من المرح:

– يا سيدي اللي كنا مستعجلين عشانهم خلاص اتجوزوا .. ف مستعجل على إيه دلوقتي

رد محمود سريعًا بعدم فهم:

– يعني إيه؟

أردف هاشم بنبرة شبه جادة:

– يعني خلاص شرطهم وأتنفذ البضاعة تيجي وقت ما تيجي

لم يروق له هذا الحديث على الاطلاق ليقول بضيق:

– ده على أساس عقدين الصفقة دي جواز الولاد مش أدوية!! .. اللي أنت بتقوله ده!! .. مش فيه ميعاد بالتسليم ولا هي سايبة

رد هاشم وهو يخفي توتره:

– لسة بعتينلي فاكس إن الشحنة هتتأخر شوية في المينا .. الجمرك شادد عليهم شوية

لم يقتنع محمود على الإطلاق، فقرر أن يسير معه في نفس الإتجاه لكي يحل اللغز الذي أمامه:

– ماشي يا هاشم يا ريت أول ما يحددوا ميعاد التسليم أمتى بلغني .. عايز أخلص من الشبكة السودة اللي ورطتني فيها دي

قالها وهو ينهض ويهم بالخروج، بمجرد أن أغلق الباب الابتسامة على وجه هاشم قد هوت واحتلت مكانها بسمة خبيثة ونظره ما يقال عنها بعث بالشر .

*********************

لم يستطع محمود أن يعود للشركة مرة أخرى، فذهب إلى منزله وأثناء الطريق يفكر إلى أن وصل .

اندهشت تهاني من رجوعه مبكرًا، فاقتربت منه وقالت بتساؤل:

– اللي رجعك بدري يا محمود مش عوايدك يعني

رد باهتمام كانه لم يسمع سؤالها:

– نور فين؟

اندهشت من حاله وردت على الفور بغرابة:

– فوق .. اللي حصل؟

– تعالي وأنتِ تعرفي

قالها وهو يتجه نحو السلم وتتبعه تهاني بعلق وعدم فهم، قرع على غرفة نور ثم دخلا، لترفع رأسها الأخيرة في اندهاش وتساؤل:

– خير يا بابا .. في حاجة ؟

تقترب محمود من فراشها وجلس على طرفه وبدأ بتساؤل واهتمام ونور منصتة له جيدًا:

– أنتِ طبعًا كنتِ بتشتغلي مع سلمى في الشركة في الفترة اللي كان فيها هاشم بغيبوبة .. وطبعًا ده الوقت إللي سلمى بقت مكان أبوها في الصفقة الأخيرة .. مش كده؟

نظرت نور لوالدتها بتساؤل ما الذي يحدث ثم نقلت نظرها لأبيها وردت:

– ايوة .. أنا مش فاهمة حاجة اللي حصل ؟

اكمل تساؤلاته وتظهر على قسمات وجهه القلق:

– طيب متعرفيش الشحنة بتيجي للشركة أمتى؟

ردت نور ببلاهة ومازالت لا تفهم شيء:

– تقريبًا الشحنة بتوصل الضهر ويوم لما تتأخر بتكون العصر أو بعديها بشوية

بدأ محمود ربط الخيوط ببعضها البعض، المكالمة الغريبة مع معلومات نور وتأخر الشحنة، شعر بأن هناك شيئًا ما مريب وغير مفهوم بعد .

بدون أي كلمة تركهن وخرج من الغرفة على الفور، نظرت نور لوالدتها بقلق شديد:

– هو اللي حصل لكل ده؟

ردت تهاني بقلق هي الأخرى وتشعر بأن شيئًا ما قد حدث:

– علمي علمك أنا رايحة أشوفه

اتبعته تهاني تاركين نور وحدها تفكر في سبب هذه التساؤلات، تنهدت وعادت لما كانت تفعله .

في غرفة نوم تهاني ومحمود يجلس الأخير على طرف الفراش متكئًا على ساقه بذراعيه يفكر .. جلست تهاني بجانبه وقالت باطمئنان:

– في إيه يا محمود قلقتنا

رد محمود شاردًا:

– في حاجة مش مظبوطة بتحصل في شركة الجوهري مش قادر أفهمها

قطبت حاجبيها وقالت بتساؤل:

– حاجة إيه دي؟

أجاب على نفس الوضع:

– كنت بكلم هاشم عشان أسأله الشحنة هتوصل أمتى قالي تعالى مش هينفع كلام في التليفون .. لما روحتله سمعت بيكلم واحد طريقتهم مكنتش مريحاني وخلاصة الكلام كان على بضاعة بتتسلم على دفعات وهتتسلم بليل .. ولما سألته الشحنة هتوصل أمتى قالي أن في عطل في الجمرك وهتتأخر شوية .. منين أن الشحنة بتوصل بالنهار والبضاعة اللي بتوصل بعد نص الليل والشحنة المرادي متأخرة .. مش قادر أربط بين كل ده .. في دايرة مفقودة

كانت تهاني تستمع إليه باهتمام شديد، لتشعر بالغرابة لما سمعت وأخذت تفكر هي الأخرى في هذا اللغز إلى أن قالت:

– مفيش غير أن تستنى سلمى لما ترجع وتسألها .. يمكن عندها تفسير لكل ده

تنهد براحة قليلة لهذه الفكرة:

– فعلًا عندك حق .. بس أنا مش مطمن

ابتسمت تهاني وربتت برفق على منكبه وقالت:

– متشغلش بالك بأي حاجة دلوقتي .. ركز في شغلك وبس تمام

ألتفت إليها باسمًا وقال:

– متحرمش منك أبدًا

بعد قليل رحل محمود وعاد إلى الشركة مرة أخرى، وحاول بقدر الإمكان أن يترك الأمر جانبًا ولا يشغل تفكيره به حتى تعود سلمى .

*********************

في صباح اليوم التالي استيقظت سلمى وهي تشعر بالوجع الشديد في أنحاء جسدها، فتحت عيناها يبطئ شديد نظرًا لقوة الضوء الصادر من الشرفة، تنهدت بعمق وهي تحاول إستعادة وعيها، بعد فترة اعتدلت وجلست وجدت نفسها بملابسها، تحسست جسدها وهي تحاول أن تتذكر ما حدث ليلة أمس، لقد نامت بملابسها ولكن لماذا وكيف وأين طارق هي لا تراه؟ .

أيمكن تركها وذهب كما فعل من قبل؟ لا لا تظن أنه سيفعل ذلك مرة أخرى .. قطع شرودها صوت فتح باب الحمام ليخرج منه طارق وهو عاري الجذع فقط تلك المنشفة التي يضعها حول خصره لتصيح به وهي تضع كلتا كفيها على وجهها في خجل:

– إييييييه ده

فزع طارق وصاح هو الآخر:

– إيه يا بنتي هقطع الخلف بسببك .. هي دي صباح الخير!!

ردت سلمى على نفس الوضع:

– أستر نفسك الأول وبعدين أتكلم

أردف بشيء من الجدية دون أن ينظر إليها:

– طيب قومي الأول خدي شاور وغيري هدومك

قال هذه الجملة وهو يرتدي ملابسه، ليسمع صوتها الخجل يقول بتردد:

– خلاااص؟

بجدية قال:

– خلاص لبست .. قومي يلا

زالت كفيها برفق وهي تنظر له بترقب حتى أطمئنت بأنه أرتدى كامل ملابسه، فتحت الخزينة وأنتقت ملابس منزلية مريحة ودخلت الحمام على الفور .

خرجت بعد فترة وجلست على الأريكة تحاول فرك جسدها المجهد، نظرت إليه ثم قالت:

– هو اللي حصل .. نمت بهدومي ازاي؟

جلس طارق قبالها على الفراش ورد دون أن ينظر إليها:

– من قبل مانروح نمتي مكانك لحد ما روحنا .. حاولت أصحيكِ لكن مفيش فايدة كنتِ في سابع نومة .. بسبب خروجة امبارح

تذكرت سلمى ما حدث أمس وابتسمت، كان على قصد أن يتجاهلها، يشعر بالإنجذاب نحوها من ليلة أمس، يحاول مجاهدة هذا الشعور بكل طاقته، حتى هي لاحظت ذلك لا ينظر إليها وهو يتحدث، يتجاهلها تمامًا فقط ينظر إلى هاتفه، فقط عاد كما هو حتى تركها ودخل إلى الشرفه، هي أيضًا أستمرت في تجاهله إلى أن خرج بعد خمس دقائق وقال وهو لا ينظر إليها ويتجه للخارج:

– مش هتنزلي تفطري؟

أجابت بشيء من الضيق هو لم يلاحظه:

– ما أنت عارف مبفطرش أول ما بصحى .. هطلب الأكل هنا مش قادرة أنزل تحت

– أنتِ حرة

قالها وهو يخرج ويتركها وحدها بالغرفة بكل برود وتهكم ليشتغل الغضب في داخلها، دون أي سبب ليفعل معها هذا .. تذكرت شيء وخرجت لكي تنادي عليه قبل أن يبتعد لتقف في صدمة وهي تسمعه يتحدث في هاتفه:

– وأنتِ كمان وحشتيني يا حبيبتي ..

نظر خلفه ليراها في حالة ضيق ودهشة والدموع شرعت في التجمع بعيناها ..

*********************

إلي هنا ينتهى الفصل الثانى والثلاثون من رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر

[ad_2]

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى